فن الاقناع والتأثير: في الثقة والتدرج

بكرأبوبكر

في الاتصالات وبناء العلاقات بين الناس تتكون العملية الاتصالية من طرف أو مشارك أول أومصدر أو مرسل، وهو يرسل أو يصدر كلمات بلغته وطريقة خطابه وهي الرسالة المحكية أوالمكتوبة لتصل للمشارك أو الطرف الآخر أكان شخصًا او جماعة وهم أو هو المتلقي أوالمشارك الثاني أو المرسل اليه، لغرض إحداث التأثير وتحفيز الردّ أو الاستجابة ما يسمى إرجاع الأثر، وتتم هذه العملية عبر وسيط اتصالي ينقل الرسالة المصاغة فقد يكون الهواء ما هو لقاء مباشر وجهًا لوجه، أو عبر ادوات التواصل والاعلام المختلفة من مصداح (مكرفون) وهاتف أو مرناة (تلفزة) او إذاعة أو بنص مكتوب ضمن كتاب أو عبر الشابكة أو وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة. والاقناع والتأثير أحد أبرز أهداف الاتصالات بين البشر الى جانب نقل المعرفة، والترفيه والتثقيف، وعليه نرى عناصر الاقناع كالتالي:

1- المصدر: ويجب أن تتوافر فيه صفات منها :

الثقة: ويحصل عليها من تاريخ (سيرة..) المصدر، إضافة إلى مدى اهتمامه بمصالح الآخرين .

المصداقية: في الوعود والأخبار والتقييم، وفي التفاعل الايجابي .

القدرة على استخدام عدة أساليب للإقناع : كلمة ، مقالة ، منطق ، عاطفة ، صورة، مرئي، لغة الجسد ...

المستوى العلمي والثقافي والمعرفي ، والقدرة على نقل المبادئ والعلوم والأفكار بإتقان

الالتزام بالمبادئ والقناعات التي يريد إقناع الآخرين بها عبر السلوك .

الجاذبية الشخصية بأركانها الثلاثة : حُسن الخلق، أناقة المظهر ، الثقافة الواسعة

التدريب المسبق والاعداد، وبذل الجهد.

2-الرسالة : لابد أن تكون :

*واضحة لا غموض فيها، بحيث يستطيع جمهور المخاطَبين فهمها فهماً متماثلاً.

*بروز الهدف منها دون حاجة لعناء البحث عنه.

*قصيرة وموجزة ومفهومة وشاملة

*مرتبة ترتيباً منطقياً مع التأكيد على الأدلة والبراهين .

*مناسبة العبارات والجمل حتى لاتسبب إشكالاً أو حرجاً ولكل مقام مقال .

*بعيدة عن الجدل واستعداء الآخرين ؛ لأن المحاصر سيقاوم ولا ريب !

3-المستقبِل (الطرف المستهدف): ينبغي مراعاة ما يلي :

*الفروق العمرية والبيئية . (مدينة، قرية،...)

*الاختلافات الثقافية والمذهبية .

*المكانة العلمية والمالية والاجتماعية .

*مستوى الثقة بالنفس .

*الانفتاح الذهني (جمود عقلاني، تمسك بالشكليات، أم انفتاح...) .

*أحوال المخاطبين وقيمهم وترتيبها ، وأولوياتها

وعليه من الممكن القول أن صفات الشخصية المؤثرة أو القابلة لاقناع الآخرين (المصدر) تأكيدا على ما سبق لها من الصفات التالي

من أهم صفات المقنع الجيد: قوة الشخصية[1] وتميزه بالطبع الهادئ، والقدرة على إدارة الحوار بنجاح مع اختيار الألفاظ والأساليب المناسبة للموقف، والقدرة على التسلسل المنطقي المنظّم أثناء الحديث بدون عشوائية مع امتلاك قدر كبير من المعرفة حول الموضوع المستهدَف، والقبول الشكلي والمظهر الحسن الذي يحظى برضا الآخرين عنه وانتباههم إليه.

وأن يتصف بالاتزان والعقلانية والتصرفات المقبولة، وأن يتمتع بثقة كبيرة في نفسه مع الصدق في المشاعر وعدم تزييف الحقائق، وأن يتميز بالتواضع وعدم التكبر مع احترام آراء الآخرين واهتماماتهم، وليتمتع بالقدرة على التأثير في الآخرين يجب أن يهتم بالمصلحة العامة مع مشاركة الآخرين وجدانيًا. (وعاطفيًا)

ويقول د.خالد حمدان في كتابه: الاقناع أسسه وأهدافه في ضوء أسلوب القرآن الكريم[2] أن متطلبات الاقناع هي: البساطة والثراء والتنوع، والبرهان الصحيح، والكلمة الطيبة والأسلوب الحسن، والتدرج والمرحلية.

الحواشي:

[1] من علامات الشخصية القوية ما يمكن التدرب عليها والتمرن واتقانها أولا: أنه لا يضيع وقته في الاستماع للمبررات وانما ينطلق دوما نحو العمل والحلول والبدائل، وثانيا:يحوّل شعوره بالقلق أوالتوجس الى حافز للاتقان وحافز للابداع والتطوير فلا يرتبك ولا تنتكس ركبتاه، وثالثا:يعرّف عن نفسه بنفسه كلامًا وفعلًا فلا ينتظر الآخر ليعرف عنه. ورابعا: لا يسعى لجذب الانتباه وحب الظهور بل شخصيته تفرض نفسها، وخامسًا: يُحسن الانصات للآخرين ويتقبل الرآي المخالف ولا يستشيط غضبًا، اما سادسًا: فلا يتسرع بالحكم فهو يفكّر ويتأمل ويقرر ويستخدم معرفته الوافرة في تكوين الرأي والاستيعاب والتوجيه.

2 خالد حمدان، الاقناع أسسه وأهدافه في ضوء أسلوب القرآن الكريم،الجامعة الاسلامية في غزة، 2005م. وأنظر ورقة بكر أبوبكر المعنونة أدوار الحوار وآداب الاختلاف على موقعه www.bakerabubaker.info

(حلقة 2 من 5 حلقات في فن الاقناع والتأثير، #بكر_أبوبكر